كراطي
دو كلمة يابانية تطل
ق على أحد الفنون الحربية التي تميزت باستعمال أطراف الجسم من أيد و أرجل
كوسائل للدفاع عن النفس ,و هي تتكون من ثلاثة مقاطع لفظية : ((كرا))
بمعنى الفراغ و((طي)) و تعني ((اليد)) بينما تعني دو ((السبيل)) .
و هذاالمفهوم جديد بالنسبة لهذا الفن الحربي ،
إذا لم تظهر بوادره إلا عند نهاية القرن التاسع عشر ، ليستكمل كل مقوماته
خلال الثلاثينات من القرن العشرين . فتحول بعد ذلك و بصفة نهائية من فن
حربي قتالي إلى فن حربي هدفه الأساس تربية الفرد بدنيا عبر تقوية جسده ، و
نفسيا عن طريق اكتسابه لمهارات التحكم في النفس و ضبط غرائزها ، و
اجتماعيا بفضل التداريب الجماعية التي تنمي الحس الاجتماعي لدى الفرد الذي
ينبني على اعتباره عنصرا مكملا داخل الجماعة لا عدوا وجب تميزه.
تجدر هذا المفهوم الجديد (( للكرطي-دو))
الذي يعني ((سبيل اليد الفارغة )) فهو أولا و قبل كل شيء ((سبيل)) أي
طريق نحو خلاص الجسم أو كما عبر عنه اليابانيون ((الأشراق)) عبر سنين من
الممارسة الهادفة و المبنية أصلا على الوسائل الطبيعية ( اليد و الرجل و
العقل…) وهو ((سبيل)) كذلك لأنه يشتمل على مراحل أساسية يمر منها الممارس
لا يمكن بتاتا خرقها وإلا سببت الخراب للجسم و النفس معا . فهناك التحكم
التقني خلالها يكون على الممارس التركيز على إتقان تقنيات هذا الفن و
ترويض الجسم على قوة و مرونة خاصتين، وبعدها تأتي مرحلة التركيز الفكري و
بهذا ينتقل الممارس من رياضة الجسم إلى رياضة النفس المقصود بها هنا ((قوة
التركيز )) و وسيلة الممارسة لذلك قوةالفكر ، و الأداة الفعالة للتحكم في
الجسم و العقل ، و تصير النفس فارغة من الشوائب التي تشغلها عن التركيز
ليصير الفرد متحكما في تصرفاته الاإرادية.
إنه كذلك ((فن اليد الفارغة))
من أي سلاح، فالممارس لهذا الفن لا يستعمل أسلحة و أدوات للدفاع عن النفس
باستثناء أطراف جسمه الطبيعية. و لهذا المفهوم بعد أعمق حيث تصير اليد
المعروفة أصلا بالبطش فارغة من الشر لتصبح طاهرة قوية لا تستعمل إلا لفعل
الخير، و حفظ الكيان . و لهذا ا
لمفهوم مرتكزان أساسيان : أحدهما فلسفي ، و الثاني فرضته ظروف المنطقة التاريخية
. تستمد فكرة ((اليد الفارغة)) أصلها من الديانة اليابانية التي كانت
تحرم على معتنقيها حمل السلاح ، و بما أنهم عرضة للاعتداء بمعبدهم أو في
ترحالهم لنشر مبادئهم الدينية ، كان لابد لهم من تطوير فعالتيهم القتالية
المعتمدة أصلا على أطراف الجسم ، أما البعد التاريخي لهذا
المفهوم فيتحدد في الخاصية التاريخية لأرخبيل جزر الرييوكيوROY KOY عامة و جزيرة
أوكيناوا Okinaoua خاصة ، فقد تعرض هذا الأرخبيل للاحتلال من طرف الصين ثم
اليابان فيما بعد ، و لاستتباب الأمن كان يمنع في كل مرة حمل السلاح على
الأهالي الذين كانوا في كثير من الأحيان عرضة للاعتداء من طرف رجال
الساموراي Samorai على الخصوص، هذا الوضع ألزم سكان الأرخبيل البحث عن
تطوير تقنيات الدفاع عن النفس ، مما أدى إلى تطوير تقنياتهم البدائية بعد
تطعيمها بأساليب القتال المتطورة آنذاك.
تنعكس القطيعة التاريخية التي عرفتها اليابان إبان حكم الميجي على المجتمع الأوكيناوي بصفة عامة و فنها الحربي بصفة خاصة .
إذا انتقل تعليم هذا الفن من السرية و الاقتصار على طبقة النبلاء المتجمعة
بمدينة شوري ((Shuri)) إلى العلانية إذ فتح الباب على مصراعيه لكل طبقات
المجتمع لممارسته. فأدخل إلى المدارس كتربية بدنية و أصبح هدفه تكوين
الفرد كعنصر فعال في المجتمع ، عبر هذا الفن يكتسب الصبر و الانضباط ،
بالإضافة إلى التأهيل البدني و النفسي للمشاركة في الحياة العامة للمجتمع .
تنبهت جل بلدان الشرق الأقصى إلى جمالية الفنون الحربية
في تربية الأجيال و بناء المجتمع على أسس الانصباط و الفعالية من تدبير
شؤون الحياة العامة . فما من رجل اقتصاد ياباني إلا وتجده مطلعا على كتاب
ميياموطو موساشي (( May moto Musashi)) (أشهر ساموراي في تاريخ اليابان)
حول استراتيجيات التعامل و كيف كان لليابانيين بأعدادهم الهائلة من البشر
العيش في عدد من الجزر ميزتها الأساسية الزلازل لولا الانضباط ، ليتخذ
العبرة من أهمية دور الفنون الحربية إن هي مورست لتكوين الفرد جسديا و
عقليا و نفسيا و هو الهدف الأساسي الذي يجب أن تمارس في إطاره الفنون
الحربية .
يحيلنا هذا المفهوم الجديد لدور الفنون الحربية إلى أهمية التركيز على تكوين المدرب و المتعلم نظريا و تطبيقيا ، فنحن هنا لسنا
أمام مهمة تنحصر في إعداد الشباب للمشاركة في المباريات الرياضية سرعان ما
ينقطع عنها بعد تجاوزه لسن معينة ، بل نحن أمام تكوين مبني على أسس متينة
للفرد عبر تقويته جسميا،عقليا،و نفسيا من أجل إحياء الطاقة الطبيعية التي
لديه و توظيفها للصالح الخاص و العام.
إنني و أنا أقوم بتمرين ((واتسوكي)) فإنني
لا أبحث عن تقوية لكماتي لتدمير شخص ما ، ولكن أبدل قصارى جهدي بحثا عن
حدودي إلى اي مدى يمكن لي أن ألأجاهد نفسي ، فحينما أعرف نفسي أعرف حدودي ،
و هذا منطلق صحيح من أجل تطويرها ، فهي كل عملية صد أو هجوم يكون الإخلاص
التام في إستعمال القوة الجسمية و أقصى درجات التركيز العقلي مع الإخلاص
النفسي ، إنه سبيل التعرف على قوة التركيز و صقلها.
![tanki-design]()
الموضوعالأصلي :
نبدة عن تاريخ الكراطي المصدر :
tanki-design 
زائرنا الكريم إذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتديات يشرفنا أن تقوم "
أما إذا كنت أحد أعضاءنا الكرام فتفضل "
الرئيسية
